بدأت صافرة القطار تدوي للانطلاق الأخير إلى المدينة عاد الذين يرغبون في إكمال سيرهم إلى مقاعدهم.

الشاب الأنيق ذو ربطة العنق الجميلة نزل في المحطة وكان بديلا آخر ذو سحنة يشوبها النفور كان العبوس قد استراح وتمدد بين حاجبيه ، عندما تحب عملك يجب أن تكون مثالا رائعاً كما كان الشاب .

عادت إيلين إلى مقعدها وعاد جون إلى مكانه كان الوقت قصيرا مابين النزول والصعود ولكنه خلق ودا لطيفا بين وردتين كلتاهما يعانين العتمة في عيون المحبين لقد وضعت الظروف قلب هايدي وكاي في مزهرية الصدف .

هايدي أخذها الشغف لتعرف تفاصيل حياة هذا الأعمى الذي عاش وكبر وتزوج وهل الحياة حكرا على المبصرين فقط إنه الفضول انبثق شعاعه في خيال هايدي الذي زاد الإصرار لكي تعيش وسط الظروف وتعجب بمن تحب .

إنها الحياة فيها الأعمى والأبكم والأصم والأعرج والمعاق المقعد والذي يتمتع بكامل صحته وهناك المريض والسمين والضعيف والخائف والشجاع والمجنون والعاقل إنه الكون يتسع للجميع ، ويسعدون فيه كل حسب ظروفه وتناغم عيشه ، جلست كاي في مقعدها تلمسها زوجها وضعت رأسها على صدره ابتسم إن للحب روائح تفوح في النفوس .

إنه شغف الحياة يركض به إلى نور الطب وعقاقير الدواء ، جلست إيلين بعد أن اشترت قليلا من البسكويت فيه لذة تجعل الجوع يطلب المزيد أخذت واحدة أردفتها في فمها وأخرى ناولتها إلى هايدي ووضعت أخرى في فم هنري بعد أن بللتها بقليل من الماء حتى يتذوق بسكويت المدينة وأكل السفر له لذة تجعل المذاق يلوك لعاب العافية .

وجون اشترى صحيفة فيها من الأخبار ما يجعل الرحلة مسافاتها قصيره وهو من المغرمين بالكلمات المتقاطعة.

الكل في حالة من السعادة نحو موعد وضعهم في صفوف الانتظار أمام هذا الطبيب .

اسمه الفريد أديسون هو قادم على رحلة من هولندا درس الطب في ألمانيا ونشأ وترعرع في كلياتها العلمية وكان دكتورا في العديد من جامعات العالم , يحضر المؤتمرات ويجري عمليات البصر وكان لديه موعد في المدينة في هذا اليوم بعد أن استلطفه زميله في الدراسة لكي يزور المدينة ويقوم بعمله الطبي والعلمي وسيكون في استقباله مع عمدة المدينة الكل في غاية السعادة من ساكنين المدينة والارياف بقدوم هذا الطبيب .

الجدة إيلين بدأت تهمس في أذن هايدي سنكون في الموعد وسيكون هنري بين يدي الطبيب إنه طريق النجاة لهنري سيكون على ما يرام .

باق على وصول القطار نصف ساعة وهايدي صامتة .

إنها غريزة داخل الأم تقرأ أحداثها فطرة من ذبذبات الخوف كان الارتباك على ملامح هايدي ودموعها تقطر مابين الحين والآخر .

هناك ضجيج في المدينة ماذا حدث ؟

وصل القطار هم الجميع بالخروج هناك ضجة !

حاول جون أن يتحقق الكل ما زال واقف بعد الخروج ولكن أحد الماره متأبطاً كتابه وبيده عصاة متكأ عليها سأله جون ماذا حدث ؟ فأخبره أن هناك طبيبا زائرا للمدينة وقع له حادث سير و الطبيب حالته حرجه جدا ، وأن الناس جاؤوا من الأرياف ومن المدن القريبة حتى يستفيدوا من حضوره للاطمئنان على صحتهم وعلاجهم.

تغيرت ملامح جون ! وبدأ الاحمرار يرسم خطوطه في وجهه . وبينما كاي مع زوجها واقفة تهم أن تودع هايدي وتأخذ عنوانها لكي يكون اللقاء الأسري في واحات الأرياف وتكون التجربة مدرسة الحياة لابنها حتى تستفيد من تجارب الآخرين .

هرول جون نحو العائلة ليخبرهم أن الطبيب بين الحياة والممات نتيجة حادث سير وقع له.

تطايرت شظايا الحادث نحو زوج كاي عندما سمع الخبر. وبدأ يصرخ بصوت قوي جعل كاي تتشبث فيه بقوة وبدأ يبكي بحرقة الحب وشغف الحياة هناك خيال وطموح يبني جبال الجليد في عالم الأفكار.

لقد ذابت الأمنيات وذهبت الأوهام كان الأمل الأخير الذي ضرب نعشه هذا الخبر الصادم ، كان في داخله نور وحب يريد أن يصافح الجمال في إشراق حبيبته كاي كاد ان ينثر بذور الحب في عذوبة ثغرها وأن يتراقص الإعجاب في سماء ألوانها كان يريد أن يرى الدنيا ويستمتع بالسماء ولكنه الظلام الدامس الذي غطى بقايا الأمل في حادث السير .

وبدأت هايدي تخيط جراحها أسى وتعبا وعيناها تغرق الأجفان دموعا منسكبة كانت تمني النفس أن يكون هنري يرى الحياة جمالا مثل إشراقة وجنتيه. الكل في حالة صمت الكل في ذهول الخبر وتعب السفر احتضنت كاثي هايدي بعد أن آخذ جون هنري يداعبه ، مازال زوج كاي يئن بالبكاء وهي تمسح دموعه وتربت على ظهره كأنه طفل ينوح في صحراء الهموم يهمس في اذنها كنت أريد أن أرى جمالك واتلمس وجنتيك وابحر في عينيك واكتب الحب في شفتيك وأنثر شعرك في الهواء ، هناك أشياء نعيش على أطلالها ولم نشاهدها يكفينا فيها الوصف والحديث ونمني النفس أن تكون الأحلام حقيقة ، هناك أشياء عندما لا تراها ولا تحسن التعبير فيها يكون البكاء نواحا يترجم هواجس الأنفاس .

خيم الحزن على الجميع ، ودعت كاي هايدي كانت الدموع جسر العطاء ، أعطتها العنوان مسكت يديها كان الانفصال يزيد الفضول ودعتها الجدة إيلين ، زاد الشحوب في وجه هايدي تفرقا ركبت العائلة في عربة يقودها عجوز مبتسم ذو لحية بيضاء ، التفت للخلف كأنه يريد أن يسرق النظرات من عيون الجدة إيلين كأنه يريد أن يجعل الرسائل تبحر في بحار الهوى.

إن العمر فيه أطفال يعزفون النغمات في بيانو الحياة هناك تقارب فطري في حياة الأجيال ابتسمت إيلين ورددت كلمات لم يفهمها الجميع ، أوصلهم العجوز على باب العيادة أخرجت إيلين قطعة حلوى عربون وفاء لنظرات تعيد الأمل في الروح عندما يراك الآخرون مقعدا في طريق العمر ، أطلق العجوز قهقهات وبادلها الثناء بلطف انك جميلة حقا ، ابتسمت إيلين وذهبا الجميع إلى عيادة النساء وكان الانتظار طويلًا دخلت كاثي إلى الطبيبة اطمأن جون وزوجته على الحمل وهمست الطبيبة في أذن كاثي قد يكون المولود أنثى ابتسمت كاثي وجون ابتسم ابتسامة خجولة .

والجدة قبلت كاثي وذهبا إلى الفندق ليرتاح الجميع هناك ضجة داخل هايدي تريد أن تبحث عن طبيب آخر ولكن طمأنها جون هناك أطباء ولكن لا يعالجون هذا المرض الذي أصاب هنري . تلمست عقدها مازال في روائحه عطر وليم وثارت الذكريات تعزف الأنغام في وتر الأحزان .

الحياة صاخبة في المدينة ارتاح الجميع وفي صباح اليوم الثاني ذهبت العائله إلى السوق لشراء المستلزمات وأخذت كاثي لمولودها ملابس وأخذت هايدي ملابس لهنري والجدة أخذت لها أكلات ريفية جميلة قابلة للاحتفاظ وجون اكتفى بالمرافقة.

غدا ستكون العودة الى الريف ، هناك احداث تختزنها الايام في حياة الريف .

ابتسم أيها الأنيق هكذا نعيش في الحياه.